رسالة إلى نفسي
الى العزيزة : نفســــــي .... الموقرة
نفسي .. أبعث إليك أشواقي الحارة وتحياتي العطرة ، راجيا من الله أن تكوني في حال خير من الحال الذى عهدتك فيه .
نفسي العزيزة : لكم يسعدني أن أبوح إليك بشىء من أسراري التى أرجو منك ألا تبوحى بها لأحد لأن السر إذا شاع بين أكثر من اثنين ذاع وانتشر ولم يصبح سرا .
نفسي : ما أثقل الأيام والساعات عندما تمضى بدون عبادة ولا ساعة طاعة وكل ذلك في ظل الماديات وجميع أنواع الترف ... ولا أدرى الى متى ستظلين هكذا تهوين من جرف الى جرف ومن حفرة الى اخرى ... حتى تسقطين في ذلك المستنقع الأسود .. ولا شك أنك تعرفينه .. وأود أن اذكرك بتأويلاتك وتسويفك ... وكأني بك كلما حدثتك بأمر التوبة تدلين الي باقتراحاتك في ظل تلميحاتك المبهمة المعجمة ... وما أمهرك وأبرعك في استخدام سوف وأخواتها المسوفات اللاتي اذا أحطن بشخص أودين به إلى ( ....... ) ولا شك أنك تعرفين .
نفسي : وما أجمل وأطرف وأعذب أحاديثك القرمزية عندما تعدينني فى الليل بالتوبة ..... وما أن تبزغ الشمس حتى تكونين أشبه بنقض اليهود للمواثيق والعهود .. عذرا نفسي فأنا ما أردت تشهيرا وتعريضا بك ... ولكن خاطرا شغلني فحدثتك بنصفه ولقد كان عتاب .
أما النصف الثاني ... فأرجو أن يكون نصيحة خالصة لوجه الله .
نفسي : الله الله في التقوى ، واعلمى أن الدنيا دار فناء وأما الآخرة فهى دار بقاء ، كما أوصيك بالصبر والمصابرة .. فأصبري عن معصية الله وخالفى الهوى ... وصابرى على طاعة الله وادمان الطاعة .. ولعل خير معين لك حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم ( من تصبر يصبره الله ، ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله وما رُزق العبد رزقا أوسع من الصبر ) أو كما جاء في الحديث .
نفسي : ما أعظم جهلك ؟ تدعين الحكمة والذكاء والفطنة وأنت أشد الناس غباوة وحمقا !! أما تعرفين ما بين يديك من الجنة والنار ، وأنك صائرة الى احدهما على القرب ؟ فما بالك تفرحين وتضحكين وتشتغلين باللهو وأنت مطلوبة لهذا الخطب الجسيم ؟ وعساك اليوم تختطفين أو غدا . فأراك ترين الموت بعيدا ويراه الله قريبا . أما تعلمين أن كل ما هو آت قريب وأن البعيد ما ليس بآت ؟
نفسي : أما تعلمين أن الموت موعدك والقبر بيتك والتراب فراشك والدود أنيسك والفزع الأكبر بين يديك ؟ ! أما تعلمين يا نفسي أن الأموات يتمنون الرجعة الى الدنيا يوما واحدا ليشتغلو بتدارك ما فرط منهم ! وأنت اليوم امنيتهم !! ويوم من عمرك لو بيع منهم بالدنيا بحذافيرها لاشتروه لو قدروا عليه وأنت تضيعين أيامك في الغفلة والبطالة فأتركى الدنيا واعملى للآخرة التي هي دار البقاء قال الله تعالى ( وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ) .
منقول